وعد المحيميد اخصائية اجتماعية اقدم الاستشارات الاسرية والاجتماعية ، مدوْنة ومقدمة بودكاست مدرسة الحياة
44
لم يتم العثور على الصفحة ! معذرة، فالصفحة التي تبحث عنها في هذه المدونة ليست متوفرة. رئيسية المدونة

    ما اصابك لم يكن ليخطئك

    العالم العادل هي فرضية ظهرت في اوائل الستينات ، وبشكل مبسط تتكلم هالنظرية عن انحياز معرفي تخلي الانسان يشوف اي شي يصير لك فانت تستحقه وانت المسبب له سواء بشكل مباشر او غير مباشر ، وبالتالي مهما حكيت عن الامور اللي مريت فيها او التجارب اللي خضتها او المواقف اللي صادفتك وخلتك توصل لنتيجه معينه سلبية او ايجابيه فإنت تستحقها وانو هالشي اساسا مفترض يصير وطبيعي جدا .
    وعشان اوضح الفكرة بشكل اكبر بنحكي شوي كيف طلعت هالفرضية ، في عام 1966 العالم ( ملفين ليرنر ) سوا تجربة يقيس فيها مدى اعتقاد الناس بعدالة العالم ، جمع مجموعه من الاشخاص وعرض عليهم صور لناس واضح عليهم انهم معانين من اثار صدمات كهربائية بدون مايعطيهم معلومات عنهم ، اللي صار ان افراد العينه اطلقوا احكام وانتقادات قاسية على هالاشخاص وانهم اكيد يستحقون اللي صار لهم ، وبالتالي كانت نتيجة التجربة ان الناس دائما يسعون لمبررات تثبت لهم ان الحياة عادلة ، لانه لو صار العكس وان العالم مافيه عادل وانو فيه ناس ممكن تتأذى بدون سبب وفيه ناس ظالمه وعايشه مبسوطه بيسيطر التوتر والقلق والخوف وانعدام الامان بين الناس ، وهالشي يرجع للطبيعة البشرية اللي تحب تعيش في نظام عادل حسب معتقداتها والا بينهار كل شي وبالتالي بيبحث عن مبررات للمواقف اللي تحدث له ، مثل اللي يبحثون عن مبرر للتحرش ( هي لبسها يخلي الشخص يتحرش ) او ( هي تسوي حركات تقصد فيها انها تعرض نفسها للتحرش ) لانه لو قال الرجال مو محترمين بيعيش في رعب على بناته او اخواته او زوجته . او اللي يفسر ضعف الحالة المادية لشخص بأنه ( كسلان او مهمل او ماعرف يطور من نفسه ويستغل الفرص ) ، لأنه لو فسر بطريقة ثانية زي ان هالشخص انظلم في دراسته او الواسطة خربت عليه بيعيش في رعب من انه يصير له نفس هالمصير ،وغيره وغيره من المواقف اللي يبحث فيها الانسان عن مبرر وهمي يريحه ويعطيه فكرة ان الحياة عادلة والجميع يستحق مايحصل عليه ، بس الحقيقة الحياة مو دايم عادلة ، فقراء افريقيا وضحايا المجاعات هل يستحقون وضعهم ؟ ضحايا الحروب من المدنيين الابرياء هل الحياة عادلة معاهم ؟ الحياة الحقيقية غير واضحة و تحمل صراعات وتقلبات تفشل معاها محاولات البشر لنشر العدل المطلق .

    اخيرا .. الله سبحانه وتعالى خلقنا في كبد اي مشقة ، اما العداله المطلقة خصص لها الله يوم القيامة ، ولكن هالشي مايعني الانكسار وانعدام الامل ، بل يعني انه يجب علينا ان نبحث عن حقيقة الامر ونسعى للاصلاح بصدق ونبتعد عن المبررات الوهمية والطبطبة المزيفة.

    واعلم انه كما قال الرسول عليه الصلاة والسلام ( اعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، وما أصابك لم يكن ليخطئك ) ، فقد قال الله سبحانه (( يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ )) [الرعد: 39] ، اي ان الله يمحو مايشاء من شرائع او اقدار ويثبت مايشاء يعني كل امر قابل للتغيير ، وقال الرسول عليه الصلاة والسلام ( لا يزيد في العمر إلا البر، ولا يرد القدر إلا الدعاء )) فعلينا بالدعاء وبذل الاسباب دائما للوصول للرضا عن حياتنا بما تحمله من عقبات.

     

     

     

    وعد المحيميد